بعد مدة من كتابة هذه القصة جالست أبي -عÙا الله عنه ÙÙŠ الصالØين!- واستطرد إليها Øوارنا، Ùأقبلت أتلوها عليه من Øاسوبي المØمول المعروض عليه، ألمØÙ‡ ÙÙŠ أثناء قراءتي، Ùأجده قد ثبّت على صÙØØ© الجهاز بصره، ولملم Øول عينيه ملامØÙŽ وجهه، غائبا عما Øوله، ثم صار لي بعدما Ùرغت٠غيرَه قبلئذ، وصرت٠له كأنما ولدت عندئذ!
إنّني لَطَروبٌ، قد اسْتَوْلَتْ عَلَيَّ “والأَعْشى إذا طَرÙبَ “!
بها ÙØ®Ùذني -أيها القارئ العَتيدÙ- لا بغيرها؛ Ùلم أكن Ø£Øسن Øالا مني إذا طربت، ثم لمّا عرÙت٠الأعشى تَعاشَيْت٠راغÙبًا Øتى إذا القÙرّاء قالوا: يا أبا بصير، Ø®Ùلْت٠أنني دÙعيت؛ Ùلم أَكْسَلْ، ولم أَتَبَلَّدْ!
وماذا تبتغي القÙرّاء منّي وقد غَيَّرْت٠Øَدَّ العاقÙلينÙ!
إنهم لهاربون، قد اسْتَوْلَوْا على “والنّابغَة٠إذا رَهÙبَ”!
بغيرها ÙÙŽØ®ÙذْهÙمْ -أيّها القارئ العَتيدÙ- لا بها؛ Ùما هم من رَهْبَة٠النابغة ولا عَتْبÙه٠إلا “كَالهÙرÙÙ‘ ÙŠÙŽØْكي انْتÙÙاخًا صَوْلَةَ الأسَدÙâ€ØŒ أو كسامّ أَبْرص ÙŠØكي تَثاؤبًا نَهْشَةَ التÙّمساØØŒ ما وراء أَكَمَتÙÙ‡Ùمْ من شيء إلا التَّدْليس وإلا التَّلْبيس، اللذين لا يستوليان على البَيان إلا Øين يستوليان على الجَنان؛ Ùإذا القراء على Ø´ÙŽÙا جÙرÙÙ٠هارÙ. ولكن لا ÙŠØبون الناصØين!
شَرÙقوا شَرْقَةً بما Øَصَّلوه٠ذَبَØَتْ عÙلْمَهÙمْ Ùَغاروا وَغارا
أَمّا أنا Ùَطَروبٌ، قد اسْتَوْلَتْ عَلَيَّ “والأَعْشى إذا طَرÙبَ”!
أَتَدْري -أيها القارئ العتيد- ما هذا الطَّرَبÙØŸ
إنه Ù…Ùزاجٌ من نَشْوَتَيْن٠مَعْنوية٠ومادÙّيةÙØŒ ÙŠÙمازج الطَّروب؛ ÙÙŠÙذْهÙÙ„Ùه، ويَستَخÙÙÙّه؛ Ùيجترئ٠على ما لم يكن Ù„ÙيَجْتَرÙئَ عليه.
آه، لو تَيَسَّرَ لنا أن نطرب متى شئنا، إذن…
ولكن لو بقينا Ø·Ùرابًا ما كتبت٠لك ولا قرأتَ لي!
أجل!
إنني إذا طربت رَجَعْت٠إلى Øالي الأولى؛ Ùبقيت Ùيها على Øالي الأخيرة؛ Ùلا يكون أَدْخَلَ ÙÙŠ الجنون منهما؛ Ùلا الأولى أولى، ولا الأخيرة أخيرة!
ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø®ÙŠØ±!
صَباØكْ صَبــاØينْ صَـباØ٠الْهَنا وَيـّا الزينْ
صَــباØÙ’ Ù…Ùنْ رَدّ دينÙهْ ÙˆÙارْتَجَعْ ما عَليهْش٠دينْ
هكذا عودتني جدتي مبروكة، أن تغني لي تØيتها البديعة كلما طلعت٠عليها من هذه القاعة البَرّانيَّة المجيدة التي أعشق تعليق عيني على سقÙها المÙصْطَÙَّة Ùيه عيدان البوص على جÙذوع الجَزْوَرينÙØ› Ùأتناوم بعد يقظتي إلى أَنْ تملَّني، مثلما تَعَوَّدَتْ أن تَخْلÙÙÙŽ جدي على مَصْطَبَة٠مدخل الدار، تتلو أذكار الظهر التي لا يعلمها إلا الله، وقد اضطرَّها المَرَض٠والسÙّنÙÙ‘ØŒ إلى أن توكÙÙ„ إلى إصلاØÙŽ ابنتÙها الصغرى ونادية ابنة Ùاطمة ابنتها الكبرى، عَجْنَ عَجينتين من Ø·Øين القمØ: صغيرة للÙطير، وكبيرة للخبز، وأن تَخْتَصَّ هي بأَبْرÙمة الأÙرْز المÙعَمَّر والبَطّ المÙØَمَّر!
Ø£Ø±ØªØ§Ø Ø¥Ù„Ù‰ جوارها بينها وبين صَØÙ’ÙÙŽØ©Ù Ù‚Ùلَل٠الÙَخّار٠القناوية.
كي٠كان نومك؟
Ø£Øسست٠لشيء ما دبيبًا عامًّا، كأنَّ قاÙلة من Ø£Ùمَّة النَّمل تمهد لأنÙسها طرق قريتها؛ Ùهي ذهابٌ على جسدي وإيابٌ لا ينقطعان ما استغشيت٠ØÙرام جَدّي!
تضØÙƒ جدتي تضØÙƒ تضØÙƒ Øتى تÙبدي Ùَكَّيْها الاصطناعيَّيْن اللذين بَرَّها بهما عمي، ثم تضرب يمناها ÙÙŠ جيبها التائه ÙÙŠ طوايا جلبابها الجديد الذي بَرَّها به أبي؛ Ùتستنبط لي تَمَرات وسودانيّات تعر٠أنهما يبهجانني إذا اجتمعا؛ ÙØ£ÙزاوÙج٠بينهما ÙÙŠ Ùمي صاÙØا عن النمل.
ثم تقوم إلى صÙÙَّتها قليلا؛ Ùتأتيني بطبق Ùَتيت٠الرÙّقاق بالØليب المقدَّس، ثم تقوم إلى ما جَهَّزَتْه للÙÙرن الصغير بالقاعة الجَوّانيَّة الغَرْبيَّة.
ولد، يا Ù…Øمد، الآن انتبهت؟
يا Øامي -Ù…ÙقلÙّدًا جَدّي الغائب- أَلا Ø£ÙÙْطÙر!
لقد تَغَدّى الناس!
وماذا أكلوا؟
اصْعَدْ -يا خائب- إلى السَّطØØ› Ùارم لنا من ØÙزَم الØَطَب وأقراص الجÙلَّة.
طرت٠مبتهجا؛ Ùما Ø£Øبَّ Ø§Ù„Ø£Ø³Ø·Ø Ø¥Ù„ÙŠÙŽÙ‘! Ø£Øظى بالسماء، وأَتَسَرَّب٠سريعًا إلى خبايا الØزم المتراكمة والأقراص المÙصْطَÙَّة؛ عسى أن أقع على أَوْكار عصاÙير أو يمام أو Ù…ÙŽØاضÙÙ† دجاج أو بط أو عÙرÙن٠كلاب أو قطط، ثم بØجة الائتمار والتَخَيÙّر أقلبها جميعا رأسا لعقب، وأÙلقي من صَلْعَة٠السَّقْ٠السَّماويَّة Øتى تستكÙيني نادية؛ Ùأنزل لأشهد كي٠تØرق قلب Ùرن الرَّØْبة الجَوّانيَّة الجديد الذي شهدت٠بناءه، وأØببت٠سÙتَّهم الÙَرّانة الهيÙاء التي تَعَلَّقَتْ بها ÙÙŠ خلال بنائها له أسماع٠الرجال والنساء وأبصارÙهم وأÙئدتÙهم!
كانت نادية تØشو بَطْنَه٠Øَطَبًا، وَزَوْرَه٠جلَّة، ثم بالمصْلَØÙŽØ© تجلو صَÙÙ’ØÙŽØ©ÙŽ بلاطته تÙؤَهÙّلÙÙ‡ لأقراص عجينة الÙطير الطاهرة الÙاخرة المÙتَخَمÙّرة، وكانت عمتي تستر وجوه الأقراص الشريÙØ©ØŒ بخÙÙ…Ùر الزÙّبْد الشَّÙÙŠÙØ©ØŒ ثم أقبلتا تتعاونان على مناولة ÙÙ… الÙرن ما تَبْهَر٠به قَريتÙÙ‡Ùما سائرَ القÙرى.
تÙرى Ù…ÙŽÙ† تَÙوز؟
أيَّتÙهما التي تملأ بلاطة الÙرن أقراصا أكبر وأكثر؟
ليس ÙÙŠ اثنين ولا ثلاثة من براعة؛ Ùربما قدر عليها صبي مثلي، Ùأما البراعة ÙÙÙŠ أن تÙرَتÙّبَ Ø¥Øداهما أربعة أقراص كبارًا أو أكثر، على بلاطته المØدودة من دون أن تمسَّ أطراÙها جوانب الÙرن وإلا شَوَّهَتْها وأضØكت عليها خَصيمتها.
إن نادية لبارعة، ولكن عمتي Ø£ÙŽÙŽØÙ’ÙÙ‰ دائمًا بذلك وأقْدر عليه، وإنني لشديد الابتهاج بهما أَسير٠أيديهما Øتى Ùرغت.
عمتي إصلاØØŒ اكشÙÙŠ لي Øظي.
ÙتَمÙØ·ÙÙ‘ بيديها طر٠عجينة الخبز الكبيرة من وعائها الضخم، Ùيمتد لها لسان طويل، ÙترÙعه إلى آخر مداه، Ùتهوي به طبقا على جسم العجينة؛ ÙتنتÙØ® بين طبق العجينة وجسمها Ù†ÙÙّاخة ما، ربما كانت كبيرة؛ Ùدلت على عظم Øظي، وربما كانت صغيرة؛ Ùدلت على ضآلته!
أراها تنتÙØ® Ùتنخرم Ùتذهب كأن لم تكن؛ ÙأضØÙƒ: ما هذا الØظ المخروم!
Øتى إذا ما Ùَرَغَتْ من تَقْريص عجينتها الكبيرة، تركت الأقراص تتخمَّر، وأغلقت عليها باب القاعة البرانية التي لن أنام Ùيها مرة أخرى!
بنت يا نادية، ألم تÙنَبÙّهي على نَوْبَتÙنا من Ùرن أبو سليم، كما قلت لك؟
بلى نبهت، وقبلنا ثلاث: Ùاطمة امرأة Øمدي، ÙˆÙاطمة امرأة Ø£Øمد، وجمالات امرأة مزروع، وبعدنا…
لا، لا. ينبغي ألا يكون بعدنا من Ø£Øد؛ Ùمن أرادت Ùلتتقدم قبلنا، وإلا أَخَّرْناها إلى آخر الليل.
ولد يا Ù…Øمد، انزَرÙعْ هنا، ولا تدع Ø£Øدا ÙŠÙØªØ Ø¨Ø§Ø¨ القاعة، وإلا دخلت الطيور Ùأكلت الأقراص أو Ø£Ùسدتها.
ما أَطْرَÙÙŽ أن أرى الأقراص تزيد ÙˆÙŽØْدَها على لَوْØÙها، ولكنني لا أتØمل المراقبة.
Ø£ÙŽØ£ÙŽÙÙرÙÙ‘ قريبا إلى دار عمتي عَدْليَّة التي أغامر بالنÙاذ إليها Ø£Øيانا من Ùوق Ø§Ù„Ø£Ø³Ø·Ø Ùأصعد Ùأتعلق وأخترق ÙأزØ٠وأهبط Ùأمشي ÙØ£ÙØ¶Ø ÙˆØ£Ø®Ø±Ø¨ وأستر، Øتى إذا ما وصلت غاÙلت عمتي Ùسرقت Øمارتها إلى العرقوب أَتَØَمَّم٠بالمشروع مستأنسًا بالÙتيات يغسلن مواعينهن، أو إلى Øوض العرب أصطاد أمشاط البÙلْطي من ترعة رأس الغيط؟
أَمْ Ø£ÙŽÙÙرÙÙ‘ بعيدا إلى دار جدتي نعمات خالة أمي التي أتسرب إليها من خلال دار سَيÙّدَتÙنا صَنْصَ٠بظهر الشارع دون أن تدري العجوز المÙØÙŽÙÙّظَة قصار السور بتلØين أطÙالي عجيب لا تَمَّØÙŠ من الذاكرة أصداؤه، Ùأَتجاوز إلى الزÙّقاق لأعتلي سوره Ùأثب إلى شريان السقاية ÙÙŠ الجهة الأخرى Ùأظل أجري Ùيه مجرى المياه ثم أدخل من رØبة رأس الغيط، Øتى إذا ما وصلت تَعَلَّقْت٠بجدتي أن تØكي لي من أخبار العَبْسيÙÙ‘ أو التَّغْلَبيÙÙ‘ أو الهÙلاليÙÙ‘ التي تØÙظها وتتقن Øكايتها؟
أَمْ Ø£ÙŽÙÙرÙÙ‘ أبعد إلى دار عمتي Ùاطمة التي أخشى أن تطبق على جنبيَّ ÙÙŠ خلال سعيي إليها جÙدران٠دور زÙقاقها الخارج على تقاليد طرق الأرض، Øتى إذا ما وصلت٠غاÙلت عمتي Ùهربت بسَميّي وأخي Ùَرَطاتي ابنها الذي لا تمنعه تØذيرات أبيه من أن يتعلق بي كما أتعلق به، ويا ويلهم إذا اجتمعنا Ùجَرَّأَ بعضنا بعضا Ùلم يعر٠لنا Ø£Øد سبيلا ولم يستطع Øيلة؛ ÙÙŽÙ…Ùنّي الرَّغْبة٠ÙÙŠ التَّÙÙŽÙ„Ùّت، ومنه العلم بÙمَنادÙØÙÙ‡ÙØŒ وعلى الدنيا السلام؟
بل أبعد!
سÙØْنا جياعا عطاشا ØÙاة شعثا غبرا، لا يعطÙنا طعام ولا شراب ولا Øذاء ولا كساء، إلى المساء، Øتى إذا ما Ø£Ùبْنا، وبلغنا ناصية شارعنا، وجدنا مهرجان الÙرن الأكبر!
اللهم شكرًا شكرًا!
تقود دور شارعنا، دار Ù…Øمد أبو سليم التي تÙØªØ Ø¨Ø§Ø¨Ù‡Ø§ ÙÙŠ عمود Ø·ÙرÙÙ‚ القرية. دار٠نَعْمَة٠وكرم. كم قضينا Ùيها ليالي رمضانات نشاهد المسلسلات المÙتَلْÙَزة الآسÙرَةَ، Øين لم يكن ÙÙŠ غيرها من دور شارعنا جهاز واØد؛ Ùمن اطلع على الرَّØْبَة٠العليا من تلك الدار بعد الإÙطار، اطلع على شَعب من الأطÙال يَدين٠للممثلين بجوارØÙ‡ كلها؛ Ùلا يَتَلَهّى عن Øركاتهم ولا سكناتهم، ولا ÙŠÙلْهي عنها، ثم هو لا ÙŠØ¨Ø±Ø Ø£Ø±Ø¶ الرØبة ÙÙرادى بل جماعات؛ Ùلن ÙŠÙÙرّط ÙÙŠ هذه المتعة واØد، ثم لن يجرؤ على أن يمر بالطابق الأسÙÙ„ المظلم من هذه الدار الكبيرة ÙˆØده!
ثم كان من كرم هذه الدار، أَنْ بَذَلَتْ خَدَّها الأيمن لمقام الÙرن الأكبر.
لقد كانت Ø£Ùران قريتنا ثلاث طبقات:
أدناها طبقة Ø£Ùران القاعات؛ ÙÙÙŠ Ø£Øد أركان كل قاعة من كل دار، يقوم Ùرن صغير على أسرة القاعة، ينضج لها قوتها الخاص، ثم ÙŠØÙظه، ويَدْرَأ٠عنها قسوة البرد، ويØتضن بظهره صغار طيورها الخاصة.
وأوسطها Ø£Ùران الدور؛ ÙÙÙŠ رØبة كل دار الجَوّانÙيَّة الضاØية٠للشمس، يقوم Ùرن كبير على Ø£Ùسَر الدار، ينضج لها طعامها العامَّ، ثم ÙŠØÙظه، ويَدÙÙ„Ùّها بشعاع الشمس عليه، على مواقيت الأعمال!
وأعلاها طبقة Ø£Ùران الشوارع؛ Ùإلى Ø£Øد جدران دور كل شارع، يقوم Ùرن أكبر على أهل الدور، ينضج لهم طعام الطوارئ، ويغنيهم كثيرا عن وقوده؛ Ùلن تعدم امرأةٌ عليه تÙرْبًا تÙهَيّئ٠طعاما؛ Ùهي لا تَتَلَبَّث٠عنده طويلا Øتي ÙŠÙŽØْمى، بل تكاد لا تبذل ÙÙŠ Ø¥Øمائه عودا ولا قرصا.
لم تعبأ دار Ù…Øمد أبو سليم بعمود طرق القرية الذي بابها Ùيه، بل تمسكت بشارعنا وآخَتْ دوره برًّا بÙÙ†Ùيَتْ عليه، ثم كان برّها الأكبر بالÙرن الأكبر.
Ù…Øمد، هي ذي نادية أختي، وخالتك إصلاØ!
هكذا هو دائما، يجعل عمتي خالتي، على عادة المÙتآخين ÙÙŠ قريتنا!
ولد، يا ابن Ùاطمة، إلى أين أخذت ابن خالك، يا ملعون؟
هكذا هي دائما، تجترئ على أبناء أَخَواتها أكثر من اجترائها على أبناء أخيها الكبير أبي الذي كان لها أَبًا ثانيًا، وكأنهم كانوا لها إخوانًا آخرين؛ Ùلم يكن منهم إلا أن صَدَّقوا!
تَلَقَّÙÙ’ هدايا خالتك!
عمتي إصلاØØŒ نادية! أنتما هنا؟
منذ العصر بعدما هَرَّبَكَ ابن Ùاطمة!
لا، والله، ياعمتي، بل أنا هَرَّبْتÙه، ولو عر٠أبوه لرماه ÙÙŠ الترعة كما Ùعل من قبل، ولكنه من أجلي أنا لا يبالي!
اقترب… خذ!
ما هذا؟
سوداني Ù…Øمص وذرة وبطاطس مشويتان وخبز Ù‚Ù…Ø Ø·Ø§Ø²Ø¬ØŒ هدايا الÙرن الأكبر!
لقد كان من كراماته ألا تذهب عنه خابزة Øتى تودع عند أهله من Ù†ÙØاتها، ومن قبل٠ما تÙقْسÙم٠على الذاهب عليها والآيب، إلا ما ذاق من عمل يدها، ولْيَكْÙÙها عَÙْوÙÙ‡ عن إنكارها لعمل يده!
الله! جاءت ÙÙŠ وقتها. ومØمد؟
هو شبعان منها!
هكذا أهل دار جَدّي دائما، يميزون ÙÙŠ الشمس أبناءهم الزائرين من أبنائهم المقيمين آمÙنين بخَصْلة الوÙدÙÙ‘ Ù„Ùمَّةَ الØÙقْدÙØŒ ولكنني أقسمها كما Ø£Ùعل دائما بيني وبينه؛ Ùلم يكن ليشÙع لجوع اليوم الذي أراه، شبع الأمس الذي لم أره!
قعدنا نلتهم ما أمامنا، لا نميز لبه من قشره، ولا نضيجه من Øريقه، Ø®Ù„Ù Ù„ÙˆØ Ø£Ù‚Ø±Ø§Øµ عجينة Ø§Ù„Ù‚Ù…Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠ تÙناول منه عمتي ونادية ÙÙ… الÙرن، Øتى أقبلت ØµØ¨Ø§Ø Ø®Ø§Ø¯Ù… سيدتنا صَنْصَÙ.
بالله، يا خالتي إصلاØØŒ اسمØÙŠ لي أن أخبز هذين القرصين لخالتك صنص٠تÙصÙبْك٠بَرَكَتÙها.
الآن؟ ألا ترين ما Ù†ØÙ† Ùيه؟
سامØيني، لقد شغلتني Øتى تَÙَلَّت الوقت.
لم تÙخَلÙÙ‘ لها عمتي ونادية عن ÙÙ… الÙرن عند أقرب Ùراغ من مناولاتهما، تَبَرÙّكًا، بل تَخَوÙÙ‘Ùًا؛ Ùلقد اشتملت سيدتنا صنصÙØŒ ببركة كتاب الله، على لسان ذَرÙب٠لا يقوم له شيء إلا أقعده؛ Ùما Ø«ÙŽÙ…ÙŽÙ‘ امرأة عاقلة تØتاج إلى أن تستثيرها.
ولو أنها ØµØ¨Ø§Ø ÙˆØ§Øدة لهانت، ولكنها ØµØ¨Ø§Ø ÙˆØ§Ø«Ù†ØªØ§Ù† وثلاث!
لمّا عمت البركة، تواترت من كل جهة إلى الÙرن الأكبر، النسوة المستعجلات المستسهلات الهازئات بقانون النوبات المختلÙات عÙدَّةً وقÙدْرَةً ومَهارَةً.
سÙبØانَ الذي خَلَقَهÙÙ†ÙŽÙ‘!
كلÙÙ‘ امرأة٠جَبَلٌ لا يَظْهَرÙه٠الرجال!
لم تمنع أيًّا منهن جَÙنةٌ على رأسها، ولا رضيعٌ على ساعد يسراها، ولا يسرى صبيÙÙ‘ Ù…ÙتَعَلÙّقَةٌ بيمناها، ولا يمنى صبيةÙÙ‘ متعلقةٌ بذيلها، من أن تريد الÙرن الأكبر، وتذود عن إرادتها.
ليتهن لا يسكتن؛ Ùليس أعذب ÙÙŠ الموسيقا الÙَلّاØيَّة من تخاصمهن وتسابهن وتلاعنهن!
يا بنت، يا مَلْسوعة، يا مهجورة، يا وجه الÙقر، يا سَقَطَ المتاع، يا قَعْرَ الماعون، يا رماد الÙرن، يا خَميرة الخراب، يا طعم القَيْءÙØŒ يا سÙباخَ الزَّريبة، يا ÙˆÙŽØÙŽÙ„ÙŽ الخَرّارة!
بتّة تبتّك، يا غَضَبَ الله، يا غول المَشْروع، يا Ø£ÙÙ…ÙŽÙ‘ أربعة وأربعين!
مسكينةٌ هذه البنت، ساذَجةٌ لم تتأدب بعد، Ùأما تلك المرأة Ùينبغي أن تكون عماد هذا الÙن، وملاكه، وقوامه، وذروة سنامه، وأن يكون من بين يديها جرى ينبوعه، وتدÙÙ‚ سلساله، وعنها تواترت نصوصه، وتزخرÙت Ùصوصه!
ولكنهما لا تلبثان متى جلستا ÙÙŠ Øضرة الÙرن الأكبر، أن تأتلÙا أختين شقيقتين لم تخرج من ÙÙ… Ø¥Øداهن إلى أذن الأخرى عَيْبَةٌ قَطّ، تتكاشÙان وتتناصØان آمÙنَتَيْنÙØŒ بل تَكÙرّان علينا أنا وابن عمتي، ساخÙرَتَيْن٠مÙنْ لَهْجَتي الØَضَريّة مَرَّةً ومن العÙمْدة وظÙÙ„Ùّه٠الØارس الأمين Ùينا مَرَّةً Ø£Ùخْرى!
هيا، يا عيال، اØملوا هذا الخبز إلى الدار، وسآتي أنا ونادية بما بقي.
كذا نساء دار جدي دائما، يخÙÙ† على أبنائهن الزائرين العيون القَوْراء، وكأننا إذا ابتهجت بنا امرأةٌ أَنْ: ” يا سَعْدي، هؤلاء أبناء أخيك!â€ØŒ سَقَطْنا عند Ù…ÙنْØَدَر٠الكاÙÙ.
يا سلام! دعي نادية تأتي هي به وراءنا!
هذا مساء بديع، دارنا مستباØØ© الأØشاء للقرباء والغرباء، ثم Ø£Øشاء دور شارعنا مباØØ© لها؛ Ùلم يكن لجار ولا جارة أن يتأخرا عما يجوز لها أن تØتاجه ÙÙŠ هذه الليلة.
وهذا الباب الطويل العريض المÙØªÙˆØ ÙŠØ¨Ø³Ø· للدار ÙÙŠ الشارع رØبة ويمد للشارع ÙÙŠ الدار دربا؛ ÙتمَّØÙŠ خصائص الدار والشارع، وتثبت خصائص العÙرْس.
ليس Ø£Øبَّ إليَّ Ù…Ùنْ Ùَوْضى تشغل الكبار!
ينÙØ° ÙÙŠ خلال الزØام صوت قديم Ù„Ùاطمة عيد، بهجة عمتي إصلاØ:
خَلÙÙ‘ بالَكْ يا وَلا، خَــلÙÙ‘ بالَكْ
Ø£Ùمّي وَبويا ضَرَبوني عَلى شانَكْ!
ÙÙŠØرك ساكن الصبابة ÙÙŠ قلوب الكبار، ويكلأ نابت الألÙØ© ÙÙŠ قلوب الصغار.
ينبغي أن يؤرخ بهذه الليلة لمَسْرى الكهرباء ÙÙŠ Ù…ØµØ§Ø¨ÙŠØ Ù‡Ø°Ù‡ الدار؛ Ùقد جÙÙ‡Ùّزَتْ من قبل ولمّا ÙŠÙعَلَّقْ لها عَدّادÙها، ثم أضيÙت لها اليوم Ù…ØµØ§Ø¨ÙŠØ Ø§Ù„Ø²ÙŠÙ†Ø©Ø› Ùلم تكن Ø«ÙŽÙ…ÙŽÙ‘ Øيلةٌ عند جمهور المزدØمين إلا سَرÙÙ‚ÙŽØ© التيار!
طرت أنا ومØمد إلى السطØØŒ Ùجذب لي من Ø¥Øدى Øزم Øطب الذرة المتراكمة، عودا طويلا؛ Ùشَقَقْت٠رأسه، وأَنْÙَذت٠Ùيه طر٠سلك التغذية المثني كصنّارة خبيثة، ثم مددته؛ Ùاصطدت به سلك التيار العام المتعرض كسمكة طيبة؛ Ùَأَزْهَرَت٠الليلة٠وابْتَهَجَت٠الدار!
وَصَلَ العَروسان، وَصَلَ العَروسان، وَصَلَ العَروسان.
طار الجمهور كله هذه المرة، إلى ناصية الشارع Øيث تضرع السيارة عند عتبة الÙرن الأكبر؛ Ùلا يجوز لها أن تتخطاها؛ Ùينزل عمي الرجل الوديع الجÙيولوجيÙÙ‘ وعروسه الشابة الØَسْناء المÙØاسَبيَّة، تاركَيْن٠أنÙسَهما لتَيّار أهلنا الÙلاØين المزدØمين؛ ÙÙŠØµØ¯Ø Ø§Ù„Ø²Ùا٠متطابقةً Ùيه صَÙَقات٠الأَكÙÙ‘ ونَغَمات٠الأصوات.
Øَلاوه بيضــا عَ الميزانْ
والنَّبي بيضــا عَ الميزانْ!
ÙƒÙتْر المـــال٠يجي بالغالي
ÙƒÙتْر المـــال٠يجي بالغالي!
Ùإذا قلت لي: قد Ø£Ùسدت ببيان عبد القاهر الجرجاني، ومØمود Ù…Øمد شاكر – رضي الله عنهما! – هذا المقامَ الÙلاØÙŠÙŽÙ‘ المَØْضَ، أنشدتÙÙƒ:
مَنْ Ù„ÙŽÙƒÙŽ بÙالْمَØْض٠وَكÙلٌّ Ù…ÙمْتَزÙجْ وَساوÙسٌ ÙÙŠ الصَّدْر٠مÙنْه٠تَخْتَلÙجْ
مَنْ Ù„ÙŽÙƒÙŽ بÙالمَØْض٠وَلَيْسَ Ù…ÙŽØْض٠يَخْبÙث٠بَعْضٌ وَيَطيب٠بَعْــضÙ!
ثم قلت لك: بل قد نسيتَ أنت أَخْذَةَ الطَّرَب!
أَتÙرى هَرَبَهم Ø£Øبَّ إليك -أيها القارئ العتيد- أم طَرَبي هذا؟
لا لَعًا لَهم!
لا لَعًا لَك!
Øقًا وكأنك كنت معنا أستاذنا الدكتور Ù…Øمد!
ها أنت ذا تأخذنا للمهرجان لنتذوق خبز داركم!
رائع ما خطته أناملك، أنت تكتب هنا على قلوب البشرية؛ لتقلب صÙØات غمرها غبار الماضي..
أستاذنا الدكتور Ù…Øمد متى ستزورنا ÙÙŠ سمائل؟
مودتنا 🙂
عجبا لك
أولم أزركم بعد
كي٠مررت على تلك المعالم من غير أن تنتبهي إلي
أنا هناك يا ابنتي
ما زلت هناك
Ùإذا عدت إلى تلك المدارج مرة أخرى Ùلا تÙلتيني
بلى!
ولكن عندما تعود روØÙƒ لطيÙÙƒ هناك، بلغني!